ثقوب دقيقة صغيرة لا يتجاوز قطر أكبرها السنتيمتر الواحد ، تخترق
الضفائر العضلية ولا تمزقها·· تحول تجاويف الجسم الداخلية المعتمة إلى مسرح مفتوح
يصول فيه الجراح ويجول بلا مشارط ولا فتحات جراحية مؤلمة تشق الجلد بطوله وعرضه··
هذا هو الواقع الجديد للجراحة، وهو واقع ثوري تقوده المناظير الجراحية وتحدد
ملامحه· جراحات كبرى لاستكشاف البطن واستئصال الأورام والمرارة والزائدة ورتق فتق
الحجاب الحاجز وعلاج البدانة المفرطة واستخرج حصوات الكلى والمسالك البولية وعلاج
الأمراض النسائية المعقدة عبر الثقوب الصغيرة فيما أصبح يعرف بجراحات اليوم الواحد
حيث لا نزف ولا حاجة لنقل دم، والتي لا يعقبها آلام شديدة ولا مضاعفات خطيرة ولا
نقاهة طويلة··· هو ما دفع العلماء إلى التساؤل حول مستقبل الجراحة في عصر المناظير·
هذا التساؤل كان محورا للمؤتمر السنوي لجمعية الجراحين المصرية والذي
شهد استعراضا لتطورات الجراحة التنظيرية وآفاقها المستقبلية· وهو ما نتناوله في
هذا التحقيق بالتفصيل· في البداية يؤكد الدكتور محمود عز الدين، أستاذ الجراحة العامة
بطب القاهرة، أن دخول تطبيقات المناظير الجراحية إلى مجال استئصال الأورام يمثل
تطورا شديد الأهمية، فقد توسع استخدامها في مجال جراحات أورام القولون والشرج مما
أدى إلى عدم اللجوء إلى الجروح الكبيرة التي كنا نضطر إليها في العمليات التقليدية·
وقال انه في جراحات أورام الكبد، أصبح في الامكان استئصال الأورام
بصورة أكثر أمانا لتوفر أجهزة القطع والتخثير الدقيقة، كما أن استخدام الموجات فوق
الصوتية ساعد على تحديد امتدادات الأورام بصورة دقيقة· وأفاد استخدام المنظار في
جراحات استئصال جزء من الغدة الدرقية أو الجار درقية، وهي جراحة تتميز بها
اليابان، والمنظار هنا له ميزة تجنب الجرح الدائري في العملية التقليدية أسفل
مقدمة الرقبة، حيث يكفي في حالة المنظار جرح صغير في مقدمة الصدر· وأوضح انه من
الطرق الجراحية أيضا استخدام يد الجراح مع المنظار في جراحات البطن، حيث يتم عمل فتحه
تسمح بدخول يد الجراح، وفتحات صغيرة لدخول المنظار وآلاته وهنا يشاهد الجراح حركة
يده أثناء الجراحة على شاشة المونيتور وفائدة هذه الطريقة أنها تحفظ للجراح ميزة
اللمس المباشر للأعضاء الخاضعة للجراحة والإيقاف الفوري للنزيف·